بعد أن تخطو خطوتك الجريئة نحو حياة صحية أفضل بإجرائك عملية تكميم المعدة، تبدأ رحلة التعافي والتكيف مع جسدك الجديد. 

ودعني الآن ألف نظرك إلى شيء ربما يغفل عنه الكثير، ولكنه يلعب دورًا أساسيًا في نجاحك ورفاهيتك: النوم بعد التكميم

النوم هو عامل رئيسي في جانب الاستشفاء والتعافي وتنظيم الأمور الداخلية للجسم (الهرمونات والعمليات الحيوية…)، ولهذا نسلط الضوء اليوم على هذا الموضوع المهم.

خاصة أنك بعد العملية قد تصاب باضطراب النوم بعد التكميم؛ فجئنا لا لتضخيم المشكلة، بل لنشر الوعي بأهمية النوم بعد عمليات السمنة وكيف يمكن أن يصبح مفتاحًا لنجاحك. 

 

أهمية النوم بعد التكميم

النوم ليس مجرد فترة راحة جسدية، بل هو عملية معقدة وحيوية لإصلاح الجسم وتجديد الطاقة ومعالجة المعلومات. 

بعد عملية جراحية كبيرة مثل التكميم، تزداد أهمية النوم بشكل كبير لعدة أسباب:

  1. دعم عملية التعافي والشفاء:

أثناء النوم العميق، يطلق الجسم هرمونات النمو التي تساعد في إصلاح الأنسجة، التئام الجروح، وتجديد الخلايا. بعد عملية جراحية كبرى مثل التكميم، يكون الجسم في حاجة ماسة لهذه العملية.

  • الفائدة: النوم الكافي يسرع من شفاء الجروح الداخلية والخارجية، ويقلل من خطر المضاعفات المتعلقة بالتعافي الجسدي.

  1. تنظيم الهرمونات المرتبطة بالجوع والشهية:

يلعب النوم دورًا حيويًا في تنظيم هرموني الجريلين (هرمون الجوع) واللبتين (هرمون الشبع). قلة النوم يمكن أن ترفع مستويات الجريلين وتقلل مستويات اللبتين.

  • الفائدة: عندما تحصل على قسط كافٍ من النوم بعد التكميم، فإن هذه الهرمونات تعمل بشكل أكثر كفاءة، مما يساعدك على التحكم في الشهية، وتقليل الرغبة الشديدة في تناول الطعام غير الصحي، وبالتالي يدعم فقدان الوزن.

  1. تحسين الأيض وحرق الدهون:

قلة النوم تؤثر سلبًا على حساسية الأنسولين وقدرة الجسم على معالجة الجلوكوز، وقد تبطئ عملية الأيض (التمثيل الغذائي).

  • الفائدة: النوم الجيد يحافظ على كفاءة الأيض، مما يضمن أن جسمك يحرق الدهون بفعالية أكبر، ويسهل التحكم في مستويات السكر في الدم، وهو أمر حيوي لنجاح عملية التكميم والسكري.

  1. تعزيز الصحة النفسية والمزاج:

بعد جراحات السمنة، يمر المرضى بتغيرات جسدية ونفسية كبيرة. قلة النوم يمكن أن تزيد من التوتر، القلق، وتقلبات المزاج، وتزيد من خطر الاكتئاب.

  • الفائدة: النوم الكافي يحسن المزاج، يقلل من مستويات التوتر، ويعزز الصحة النفسية، مما يساعد المريض على التكيف بشكل أفضل مع التغييرات والالتزام بخطته العلاجية.

  1. زيادة الطاقة والقدرة على ممارسة النشاط البدني:

فقدان الوزن يتطلب نشاطًا بدنيًا. عندما تكون منهكًا بسبب قلة النوم، فإن طاقتك لممارسة التمارين الرياضية تقل بشكل كبير.

  • الفائدة: النوم الجيد يوفر لك الطاقة اللازمة للانخراط في الأنشطة البدنية اليومية والتمارين الرياضية الموصى بها، مما يسرع من فقدان الوزن ويحسن اللياقة البدنية.

لذا، فإن الاهتمام بـ النوم بعد التكميم ليس مجرد رفاهية، بل هو استثمار ضروري في رحلة التعافي وفقدان الوزن الشاملة.

 

لماذا قد نصاب باضطراب النوم بعد التكميم؟

على الرغم من عمليات السمنة تساعد في الحقيقة على تحسين جودة النوم عند الكثيرين، حيث تقلل من حدوث الاختناق الليلي وتحسن التنفس وتحسن الصحة بشكل عام، إلا أن العديد من المرضى قد يواجهون اضطراب النوم بعد التكميم. هذا ليس بالأمر الغريب، فهناك عدة عوامل يمكن أن تساهم في ذلك:

  1. تغيرات في نمط الحياة والروتين اليومي:
    بعد الجراحة، تتغير جداول الأكل والشرب والأدوية. هذا التغيير في الروتين قد يؤثر على ساعة الجسم البيولوجية، مما يسبب صعوبة في النوم والاستيقاظ في أوقات منتظمة.
  2. الألم وعدم الراحة بعد الجراحة:
    في الأيام والأسابيع الأولى بعد التكميم، قد يشعر المريض ببعض الألم أو عدم الراحة في منطقة الجراحة، أو غازات، أو تقلصات في المعدة، ولذلك هنالك صعوبة في إيجاد وضعية نوم مريحة، مما يؤثر على جودة النوم.
  3. التغيرات الهرمونية والتمثيل الغذائي:
    تحدث تغيرات هرمونية كبيرة بعد جراحات السمنة، والتي يمكن أن تؤثر على دورات النوم والاستيقاظ. كذلك، تغيرات التمثيل الغذائي قد تؤثر على مستويات الطاقة خلال اليوم.

قد يشعر المريض بالتعب أثناء النهار وصعوبة النوم ليلاً، أو تقطع النوم.

  1. الاستيقاظ لتناول الأدوية أو السوائل/الطعام:
    في المراحل الأولى، قد يحتاج المريض للاستيقاظ لتناول الأدوية الموصوفة، أو لشرب السوائل ببطء، أو لتناول وجبات صغيرة متعددة.
    • التأثير: يقطع دورات النوم الطبيعية ويمنع النوم العميق المستمر.
  2. الجوع أو العطش الليلي:
    على الرغم من أن الجراحة تقلل الشهية، إلا أن بعض المرضى قد يستيقظون بسبب الشعور بالجوع أو العطش، خاصة إذا لم يتناولوا كميات كافية من البروتين والسوائل خلال النهار.
    • التأثير: يقطع النوم ويسبب الأرق.
  3. الاضطرابات النفسية والقلق:
    القلق بشأن فقدان الوزن، التكيف مع الحياة الجديدة، أو حتى الاكتئاب بعد الجراحة يمكن أن يساهم في الأرق وصعوبة النوم.
    • التأثير: الأفكار المتسارعة والقلق يمكن أن يمنعا العقل من الاسترخاء والنوم.
  4. متلازمة تململ الساقين (Restless Legs Syndrome):
    قد يزداد خطر الإصابة بهذه المتلازمة بعد جراحات السمنة، خاصة بسبب نقص الحديد أو بعض الفيتامينات.
    • التأثير: شعور غير مريح ورغبة ملحة في تحريك الساقين، مما يجعل النوم صعبًا.

كل هذه العوامل يمكن أن تجعل النوم بعد عمليات السمنة تحديًا حقيقيًا، وتتطلب استراتيجيات للتعامل مع اضطراب النوم بعد التكميم.

 

نصائح لتحسين اضطراب النوم بعد التكميم والتعافي منه

إذا كنت تعاني من اضطراب النوم بعد التكميم، أو إذا كنت تثقف نفسك قبل الخضوع للعملية وتريد أن تقي نفسك من اضطراب النوم بعد التكميم، 

فهناك العديد من الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتحسين جودة نومك. تذكر، الصبر والمثابرة هما المفتاح:

  1. اتباع روتين نوم منتظم:

    • حاول الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
    • الهدف: يساعد على تنظيم الساعة البيولوجية لجسمك.
  2. خلق بيئة نوم مريحة:

    • اجعل غرفة نومك مظلمة، هادئة، وباردة. استثمر في مرتبة ووسائد مريحة.
    • الهدف: توفير الظروف المثلى للنوم العميق والمريح.
  3. تجنب الكافيين والنيكوتين والكحول:

    • الكافيين والنيكوتين من المنشطات التي تعيق النوم. الكحول قد يجعلك تشعر بالنعاس مبدئيًا، لكنه يقطع النوم لاحقًا.
    • الهدف: الابتعاد عنها، خاصة في ساعات المساء.
  4. تجنب الوجبات الكبيرة والدهنية قبل النوم:

    • تناول وجبات خفيفة وصغيرة قبل النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات على الأقل. ركز على البروتين.
    • الهدف: تجنب عسر الهضم أو الشعور بالامتلاء الذي قد يعيق النوم.
  5. ممارسة النشاط البدني بانتظام:

    • ممارسة التمارين الرياضية خلال النهار يمكن أن تحسن جودة النوم بشكل كبير.
    • الهدف: تجنب التمارين الشديدة قبل النوم مباشرة، لأنها قد تزيد من اليقظة.
  6. التعامل مع الألم أو عدم الراحة:

    • تحدث مع طبيبك عن أي ألم أو عدم راحة مستمرة. قد يصف لك مسكنات آمنة يمكن أن تساعدك على النوم.
    • الهدف: تخفيف العوامل الجسدية التي تعيق النوم.
  7. التعامل مع الجوع أو العطش الليلي:

    • تأكد من أنك تحصل على كمية كافية من البروتين والسوائل خلال النهار. قد يساعد تناول وجبة خفيفة غنية بالبروتين قبل النوم بساعة أو ساعتين.
    • الهدف: تقليل الحاجة للاستيقاظ لتناول الطعام أو الشرب.
  8. الحد من وقت الشاشة قبل النوم:

    • تجنب استخدام الهواتف الذكية، الأجهزة اللوحية، الكمبيوتر، أو مشاهدة التلفاز قبل النوم بساعة على الأقل. الضوء الأزرق المنبعث من هذه الشاشات يعيق إنتاج هرمون الميلاتونين (هرمون النوم).
    • الهدف: مساعدة جسمك على الاستعداد للنوم.
  9. ممارسة تقنيات الاسترخاء:

    • جرب القراءة، الاستماع إلى موسيقى هادئة، أخذ حمام دافئ، التأمل، أو تمارين التنفس العميق قبل النوم.
    • الهدف: تهدئة العقل والجسم وتهيئتهما للنوم.
  10. طلب المساعدة المتخصصة:

    • إذا استمر اضطراب النوم بعد التكميم لفترة طويلة ويؤثر سلبًا على حياتك، فلا تتردد في استشارة طبيبك أو أخصائي نوم.
    • الهدف: قد تكون هناك مشكلة أساسية تتطلب تشخيصًا وعلاجًا متخصصًا.

 

إن رحلة التعافي بعد عملية التكميم هي رحلة شاملة تتطلب اهتمامًا بكل التفاصيل، والنوم بعد التكميم هو أحد هذه التفاصيل التي تحمل في طياتها مفتاحًا لنجاحك. لا تدع اضطراب النوم بعد التكميم يقف عائقًا أمام تحقيق أهدافك الصحية، وأمام تمتعك بكامل النتائج العظيمة لعملية ناجحة مثل عملية تكميم المعدة.

Dr Mohamed Tag
Bachelor of Medicine , Al-Azhar University offers very good with honors December 2003 master's degree (in science)

Related medical advice

There are no medical tips related to

Book