يشكل مرض السكري أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه العالم اليوم، ويؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم.
إذا كنت واحداً من الذين تأثرت حياتهم بسبب هذا المرض، وتبحث عن حل نهائي لمشكلة السكر، فربما تشكل عملية تحويل المسار أملاً جديداً لك في التخلص من السكر، وأدويته، ومشاكله.
خيث يرتبط هذا المرض ارتباطًا وثيقًا بالوزن الزائد والسمنة، يبرز عملية تحويل المسار كأحد الخيارات الجراحية الواعدة لعلاج مرضى السكر، خاصة أولئك الذين يعانون من السمنة المفرطة.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل عملية تحويل المسار وكيفية مساهمتها في علاج مرض السكر، بالإضافة إلى فوائدها ومخاطرها.
المحتوى
كيف يسبب الوزن الزائد مرض السكري
قلنا أ، الوزن الزائد يرتبط بشكل كبير بالسمنة، لكن ما العلاقة؟
الوزن الزائد والسمنة يزيدان من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بشكل كبير. يحدث ذلك بسبب عدة عوامل، منها:
- مقاومة الإنسولين: يؤدي تراكم الدهون في الجسم إلى مقاومة الخلايا للأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم مستوى السكر في الدم.
- التهاب مزمن: يرتبط الوزن الزائد بالتهاب مزمن منخفض الدرجة، مما يؤثر على وظائف العديد من الأعضاء، بما في ذلك البنكرياس.
- اضطرابات التمثيل الغذائي: يؤدي الوزن الزائد إلى اضطرابات في عملية التمثيل الغذائي، مما يزيد من إنتاج الجلوكوز في الكبد ويقلل من حساسية الجسم للأنسولين.
كل هذا معناه أن مستويات السكر في الدم ستخرج عن السيطرة وستبقى مرتفعة، وهو تعريف مرض السكر.
مضاعفات مرض السكري
لا أحد يتمنى أن يكمل حياته مريضاً، لكن قد يظن البعض أن التعايش مع المرض أمر كاف، سأتناول دوائي وأعيش حياتي ببساطة.
الخطورة تكمن في أن الدواء تقل فاعليته مع الوقت، والجسم مع مرور الوقت يضعف أكثر وتتأثر الوظائف أكثر، مما يعني أنك ستبقى نزيلاً في عيادات الأطباء بشكل مستمر،
إما لتعديل الجرعات أو لتجربة أدوية جديدة، أو غير ذلك، وهذا ما يعلي كثيراً من قيمة أي علاج يعطيك أمل بأنه سيكون نهائياً لهذه المشكلة.
إذا لم يتم علاج مرض السكري بشكل جيد، فإنه يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات الخطيرة، بما في ذلك:
- أمراض القلب والأوعية الدموية: مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
- أمراض الكلى: يمكن أن تؤدي إلى الفشل الكلوي المزمن.
- مشاكل في الأعصاب: مثل التنميل والخدران في الأطراف.
- مشاكل في الرؤية: مثل اعتلال الشبكية السكري.
- بطء التئام الجروح: مما يزيد من خطر الإصابة بالعدوى.
ما هي عملية تحويل المسار؟
تدثنا عن عملية تحويل المسار بصفتها علاجاً لمرض السكر، فما هي هذه العملية؟
عملية تحويل المسار هي إجراء جراحي يتم فيه تغيير مسار الجهاز الهضمي.
يتم ذلك عن طريق تقسيم المعدة إلى جزء صغير وجزء كبير، ثم ربط الجزء الصغير بجزء متقدم من الأمعاء الدقيقة، متجاوزاً جزءًا كبيراً من الأمعاء الدقيقة.
هذا التغيير في المسار يؤدي إلى تقليل كمية الطعام والسعرات التي يتم امتصاصها، مما يساعد على فقدان الوزن بسرعة وتحسين التحكم في مستوى السكر في الدم.
كيف تساعد عملية تحويل المسار في تحسين حالة السكر وربما علاجه تمامًا؟
عملية تحويل المسار، أو ما يعرف بجراحة السمنة، ليست مجرد وسيلة لفقدان الوزن، بل هي أداة قوية في إدارة مرض السكري، وخاصة النوع الثاني منه. تساهم هذه الجراحة في تحسين حالة السكر بعدة آليات معقدة، إليك شرح مبسط لها:
1. تحسين حساسية الأنسولين:
- تقليل الدهون الحشوية: تؤدي عملية تحويل المسار إلى فقدان كبير في الدهون، خاصة الدهون الحشوية المحيطة بالأعضاء الداخلية، والتي تلعب دورًا كبيرًا في مقاومة الأنسولين.
- تغيير الهرمونات المعوية: تؤثر الجراحة على هرمونات الأمعاء التي تنظم الشهية وتتحكم في مستوى السكر في الدم، مما يساهم في زيادة حساسية الجسم للأنسولين.
2. تحسين وظيفة البنكرياس:
- تقليل الضغط على البنكرياس: مع فقدان الوزن، يقل الضغط على البنكرياس لإنتاج كميات كبيرة من الأنسولين، مما يساعد على استعادة وظيفته الطبيعية.
- زيادة إفراز الأنسولين: في بعض الحالات، قد تؤدي الجراحة إلى زيادة إفراز الأنسولين من البنكرياس، مما يساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم بشكل أفضل.
3. تغيير في امتصاص الجلوكوز:
- تقليل مسار الأمعاء: يؤدي تقصير مسار الأمعاء إلى تقليل الوقت المتاح لامتصاص الجلوكوز من الطعام، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى السكر في الدم بعد الأكل.
- تغيير في البكتيريا المعوية: تؤثر الجراحة على نوعية البكتيريا الموجودة في الأمعاء، مما قد يؤثر على عملية التمثيل الغذائي للجلوكوز.
4. تنظيم الهرمونات المسؤولة عن الشهية والطعام:
- تعديل مستويات الجريلين: الجريلين هو هرمون يُعرف بـ “هرمون الجوع”، حيث يحفز الشهية ويزيد الرغبة في تناول الطعام. بعد عملية تحويل المسار، تنخفض مستويات الجريلين بشكل ملحوظ، مما يقلل الشعور بالجوع ويساعد على التحكم في كمية الطعام المتناولة.
- زيادة مستويات اللبتين: اللبتين هو هرمون يشير إلى الشعور بالشبع. بعد الجراحة، يزداد إنتاج اللبتين، مما يعطي إشارة للدماغ بأن الجسم حصل على ما يكفي من الطعام، وبالتالي يقلل الرغبة في تناول المزيد.
- تغيير في مستقبلات الهرمونات: تؤثر الجراحة على مستقبلات الهرمونات المسؤولة عن تنظيم الشهية في الدماغ، مما يساهم في تغيير الإشارات التي تصل إلى الدماغ حول الحاجة إلى الطعام.
5. تحسين نمط الحياة:
- زيادة النشاط البدني: بعد الجراحة، يصبح من الأسهل على المرضى ممارسة النشاط البدني، مما يساهم في تحسين حساسية الأنسولين.
- التزام بنظام غذائي صحي: بعد الجراحة، يضطر المرضى إلى اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، مما يساعد على الحفاظ على وزن صحي وتحسين مستوى السكر في الدم.
هل تعد عملية تحويل المسار العلاج النهائي للسكر
كل هذه الفوائد تجعلك تسأل هذا السؤال: هل يمكن علاج السكر بشكل نهائي بعملية تحويل المسار؟
والإجابة هي أن العملية تعد فعالة للغاية لدرجة أن الكثيرين من مرضى السكر يتعافون تماماً من السكر، ولا يحتاجون لتناول الدواء، لكن للأسف فالأمر ليس نهائياً.
لكن ما معنى أن يكون العلاج فعالاً لكن ليس نهائياً؟ أي أن التغييرات التي حصلت في الجسد نتيجة العملية هي السبب في تعافيك من الأعراض، لكن إذا عدت للعادات السيئة واكتساب الوزن فإن أعراض السكري قد تعاودك.
فوائد أخرى لعملية تحويل المسار
بالإضافة إلى علاج السكري، توفر عملية تحويل المسار العديد من الفوائد الأخرى، بما في ذلك:
- تحسين ضغط الدم: يساعد فقدان الوزن على خفض ضغط الدم.
- تحسين مستويات الكوليسترول: يساعد فقدان الوزن على تحسين مستويات الكوليسترول في الدم.
- تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية: يساعد فقدان الوزن على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
- تحسين المزاج وتقدير الذات: يساعد فقدان الوزن على تحسين المزاج وتقدير الذات.
ختماً، تعتبر عملية تحويل المسار أداة قوية في علاج السمنة ومرض السكري. ومع ذلك، يجب اتخاذ القرار بشأن الخضوع لهذه الجراحة بعناية، بعد استشارة الطبيب وتقييم الفوائد والمخاطر. من المهم أيضًا أن نفهم أن عملية تحويل المسار ليست حلاً سحريًا، ولكنها أداة تساعد على تحقيق أسلوب حياة أكثر صحة وسعادة.
