في أي حدث رياضي، قد لا تتحقق النتائج التي ترجوها الجماهير، وهنا تجد اللاعب يصرح: “ربما لم نستعد جيداً!” 

ولهذا يا صديقي، قبل حدث مهم بل ومصيري (سيحسن مصيرك للأفضل بشكل كبير بمشيئة الله) مثل الخضوع لجراحات السمنة، يجب أنت أيضاً أن تأخذ كل أسباب الاستعداد النفسي لجراحات السمنة.

وبينما الجميع يتحدث عن النظام الغذائي، التمارين الرياضية، وأنواع العمليات المختلفة، قليلين هم من يركزون على البطل الخفي في هذه الرحلة: الاستعداد النفسي لجراحات السمنة. الذي قد يشكل الفرق بين النجاح الباهر، أو – لا قدر الله – الانتكاس أو الفشل.

لا تظن أن الأمر مجرد “شعور جيد” قبل العملية! فالـ التحضير النفسي للجراحة هو أساس يحتاج بعض المجهود. 

فإذا كنت تفكر في هذه الخطوة، أو حتى بدأت فيها، فهذه المقالة هي بوصلتك. 

 

أهمية التحضير النفسي لجراحات السمنة

ربما تتساءل، لماذا كل هذا التركيز على الجانب النفسي؟ أليس الأهم هو الجراحة نفسها؟ 

الحقيقة أن الاستعداد النفسي لجراحات السمنة لا يقل أهمية عن الاستعداد البدني، بل قد يفوقه في بعض الأحيان في تحديد مدى نجاح العملية على المدى الطويل. 

إليك أهم الأسباب التي تبرز أهميته:

  1. السمنة مشكلة معقدة (ليست مجرد طعام):

السمنة غالبًا ما تكون متجذرة في عوامل نفسية وسلوكية عميقة مثل “الأكل العاطفي” للتعامل مع التوتر، الملل، أو الحزن. هي ليست مجرد “كثرة أكل”.

والجراحة تغير حجم المعدة، لكنها لا تغير العادات الذهنية أو السلوكية. 

بدون التحضير النفسي للجراحة، قد يعود المريض إلى نفس أنماط الأكل العاطفي، ولكن بآلية مختلفة (مثل تناول أطعمة سائلة عالية السعرات).

  1. التكيف مع التغييرات الجذرية بعد الجراحة:

الحياة بعد جراحة السمنة مختلفة تمامًا. تتغير علاقتك بالطعام، بالأنشطة الاجتماعية، بصورتك الذاتية، وحتى بعلاقاتك مع الآخرين. هذه التغييرات يمكن أن تكون مرهقة نفسيًا.

الاستعداد النفسي لجراحات السمنة يساعد المريض على فهم هذه التغييرات مسبقًا، وتطوير استراتيجيات للتكيف معها، مما يقلل من الصدمة العاطفية ويمنع الانتكاس.

  1. توقع التحديات والمضاعفات المحتملة:

جراحات السمنة، كأي جراحة، لها أعراض جانبية ومضاعفات محتملة (مثل الغثيان، نقص الفيتامينات، وحتى ترهل الجلد). كذلك، قد لا يكون فقدان الوزن بالسرعة أو بالقدر الذي يتوقعه المريض.

عندما يكون المريض مستعدًا نفسيًا لهذه الاحتمالات، فإنه يتعامل معها بواقعية وصبر أكبر، ولا يشعر بالإحباط أو اليأس عند مواجهة أي تحدٍ.

  1. الالتزام مدى الحياة:

جراحة السمنة ليست حلاً سحريًا لمرة واحدة. إنها تتطلب التزامًا مدى الحياة بنظام غذائي محدد، تناول مكملات الفيتامينات والمعادن، وممارسة النشاط البدني، والمتابعة الطورية.

وبالطبع فإن العملية تسهل على المريض ذلك بشكل كبير، إلا أن التحضير النفسي للجراحة هو الذي يبني القدرة على الانضباط الذاتي والالتزام بهذه التغييرات طويلة الأمد، مما يضمن استدامة النتائج.

  1. تجنب الاكتئاب بعد الجراحة:

يمر بعض المرضى بتقلبات مزاجية أو حتى اكتئاب بعد جراحة السمنة. هذا قد يكون نتيجة للتغيرات الهرمونية، أو عدم تحقيق توقعات غير واقعية، أو صعوبة التكيف.

الاستعداد النفسي يساعد في التعرف على هذه الأعراض مبكرًا، وتوفير آليات التأقلم الصحية، وطلب المساعدة المتخصصة في الوقت المناسب.

 

خطورة عدم الاستعداد النفسي لجراحات السمنة

من الفقرة السابقة يتبين أن الإهمال في التحضير النفسي للجراحة قد تكون له مخاطر على المريض نفسه أو على نتائج العملية، إليك أبرز هذه المخاطر:

  1. فشل العملية في تحقيق أهداف فقدان الوزن:

على الرغم من صغر حجم المعدة، يمكن للمريض “التحايل” عليها بتناول الأطعمة السائلة عالية السعرات (مثل الآيس كريم، المشروبات الغازية)، أو الأكل العاطفي المتكرر بكميات صغيرة.

هذا يؤدي إلى عدم فقدان الوزن الكافي، أو استعادة الوزن المفقود، مما يعني أن الجراحة لم تحقق هدفها الأساسي.

  1. تفاقم المشاكل النفسية الموجودة أو ظهور مشاكل جديدة:

إذا كان المريض يعاني من الاكتئاب، القلق، اضطرابات الأكل (مثل الشره العصبي) قبل الجراحة ولم يتم التعامل معها، فإن الجراحة قد لا تحل هذه المشاكل، بل قد تفاقمها. قد يظهر اكتئاب ما بعد الجراحة بسبب عدم التكيف مع التغييرات.

يؤثر ذلك على جودة حياة المريض بشكل كبير، وقد يدفعه إلى سلوكيات غذائية غير صحية كمحاولة للتأقلم.

  1. صعوبة الالتزام بالنظام الغذائي والمكملات:

يتطلب نمط الحياة بعد الجراحة التزامًا صارمًا بنظام غذائي جديد، وتناول الفيتامينات والمكملات الغذائية مدى الحياة.

عدم الالتزام يؤدي إلى نقص خطير في الفيتامينات والمعادن، مما يسبب مضاعفات صحية خطيرة مثل فقر الدم، هشاشة العظام، وتلف الأعصاب الدائم.

  1. مشاكل في العلاقات الاجتماعية والعائلية:

قد يواجه المريض صعوبة في التعامل مع ردود فعل الآخرين تجاه جسده الجديد، أو قد تتغير ديناميكية العلاقات الأسرية والاجتماعية بسبب القيود الغذائية.

وهذا قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة، سوء الفهم، وتوتر العلاقات.

  1. تدهور جودة الحياة بشكل عام:

 بعد كل ذلك، ستتحول التجربة بدلاً من أن تكون الجراحة طريقًا لحياة أفضل، قد يجد المريض نفسه يصارع مع تحديات جسدية ونفسية لم يكن مستعدًا لها.

قد يؤدي إلى ندم على إجراء الجراحة، وتقليل الشعور بالرضا عن النتائج.

لذا، فإن التحضير النفسي للجراحة ليس رفاهية، بل هو جزء لا يتجزأ من الخطة العلاجية الشاملة التي تضمن نجاح العملية وسلامة المريض على المدى الطويل.

 

التحضير النفسي للجراحة: كيف وماذا؟

بجانب بعض الخطوات والتأهيل البدني قبل الجراحة، يتطلب التحضير النفسي للجراحة فهمًا شاملاً لعدة جوانب حيوية في رحلة ما بعد العملية. يجب أن يعي المريض هذه الجوانب ويعرفها جيدًا قبل الدخول إلى غرفة العمليات:

  1. ماذا يحصل لجسمي في الجراحة؟ (فهم العملية نفسها):

    • تحتاج إلى فهم كامل لتفاصيل العملية، ما سيتم تعديله في الجهاز الهضمي، وكيف سيؤثر على وظائف الجسم. وهذه رغم أنها مسؤولية الطبيب إلا أنه من المفيد جداً أن يقوم المريض بنفسه بقراءة المزيد عن العملية ونتائجها. 
    • يقلل القلق، يساعد على توقعات واقعية، ويفهم سبب تغير العادات الغذائية.

 

  1. النظام الغذائي ومراحله وضرورة الالتزام به:

    • معرفة مراحل النظام الغذائي بعد الجراحة (سوائل، مهروس، لين، صلب)، الأطعمة المسموحة والممنوعة، والنصائح والضوابط الأخرى.
    • يكون ذلك ضروري لسلامة المعدة الجديدة، منع الأعراض الجانبية، فقدان الوزن الصحي، والوعي بأن التغيير دائم.

 

  1. الأعراض الجانبية وتأثيرها واحتمالية حدوثها:

    • يجب أيضاً أن يتعرف المريض على الأعراض الشائعة (الغثيان، القيء، الإغراق، الإمساك، تساقط الشعر، جفاف الجلد) ومضاعفات نقص الفيتامينات والمعادن.
    • تقل الصدمة كثيراً عند حدوث أحد تلك الأعراض، ويتمكن المريض من التعامل الأمثل، وطلب المساعدة مبكرًا.

 

  1. العودة لممارسة الأنشطة واللياقة البدنية:

    • إدراك أن النشاط البدني حيوي للحفاظ على الوزن والصحة، والبدء به تدريجيًا.
    • يساعد ذلك في بناء العضلات، حرق الدهون، تحسين المزاج، ويقلل من خطر استعادة الوزن.

 

  1. التغيرات النفسية والعاطفية المتوقعة:

    • يجب أن يتكون عندك وعي باحتمالية تقلبات المزاج، الحزن، أو الاكتئاب، والشعور بفقدان الأكل كوسيلة راحة.
    • بهذا تتمكن من طلب الدعم النفسي مبكرًا وتطوير آليات تأقلم صحية.

 

  1. أهمية المتابعة مدى الحياة:

    • فهم أن العملية بداية لرحلة تتطلب متابعة مستمرة مع الفريق الطبي للفحوصات وتعديل الخطة العلاجية.
    • وذلك لضمان استدامة النتائج ومعالجة أي مشاكل صحية أو نفسية.

 

نصائح قبل جراحة السمنة (للتحضير النفسي والبدني)

لضمان أفضل التحضير النفسي للجراحة والبدني، إليك بعض نصائح قبل جراحة السمنة المختصرة والمفيدة:

  1. اطلب تقييمًا نفسيًا شاملًا: لا تعتبره وصمة عار، بل خطوة حاسمة لنجاحك. تحدث بصراحة عن تاريخك مع الأكل العاطفي، الاكتئاب، أو القلق.
  2. ابحث عن مجموعة دعم: الانضمام إلى مجموعات دعم لمرضى جراحات السمنة (سواء عبر الإنترنت أو وجهًا لوجه) يمكن أن يوفر لك دعمًا هائلاً ورؤى قيمة من أشخاص مروا بنفس التجربة.
  3. تثقف قدر الإمكان: اقرأ، شاهد الفيديوهات، واستمع إلى تجارب الآخرين. كلما زادت معرفتك بالعملية وما بعدها، قلت مخاوفك وزادت ثقتك.
  4. تحدث مع عائلتك وأصدقائك: اشرح لهم ما تمر به، واطلب دعمهم. وضح لهم أن علاقتك بالطعام ستتغير، وأنك ستحتاج إلى تفهمهم وصبرهم.
  5. ابدأ بتغيير عاداتك الغذائية قبل الجراحة: حاول تقليل السكريات، الكربوهيدرات المكررة، والمشروبات الغازية. هذا يهيئ جسمك وعقلك للتغييرات بعد الجراحة.
  6. ابدأ بممارسة نشاط بدني خفيف: المشي مثلاً. هذا يساعد على تحسين اللياقة البدنية قبل الجراحة ويسهل عليك الاستمرار بعد العملية.
  7. تخلص من التوقعات غير الواقعية: الجراحة ليست عصا سحرية. ستفقد وزنًا كبيرًا، لكنها لن تحل جميع مشاكلك. الصحة النفسية تستمر في كونها تحديًا.
  8. استشر أخصائي تغذية: ابدأ العمل معه قبل الجراحة لتفهم النظام الغذائي الجديد بشكل كامل.
  9. مارس تقنيات الاسترخاء: مثل التأمل، تمارين التنفس العميق، أو اليوغا، لتقليل التوتر والقلق قبل الجراحة.

 

إن اتخاذ قرار الخضوع لجراحة السمنة هو خطوة جريئة ومباركة نحو حياة صحية أفضل. 

ولكن لضمان أن تكون هذه الخطوة ناجحة ومستدامة، فإنك يجب أن تتخذ كل التدابير التي تساعدك على الاستعداد النفسي لجراحات السمنة ليس مجرد إضافة، بل هو حجر الزاوية. 

لا تنسى أن خضوعك للعملية في مركز الدكتور محمد تاج الدين يوفر لك متخصصين في جانب التحضير النفسي للجراحة، بل والمتابعة الدورية والفورية بعد العملية، 

نحن نسمعك، ونتمنى لك التوفيق في هذه الرحلة، وإليك أحد النماذج الذين أخذوا القرار، وحققوا النجاح وغيروا حياتهم للأفضل: 

Dr Mohamed Tag
بكالوريوس في الطب , جامعة الأزهر تقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف ديسمبر 2003 درجة الماجستير (في العلوم)

نصائح طبية متعلقة

لا توجد نصائح طبية متعلقة

احجز